الدولة السا مية – تقديم المترجم

 

الدولة السامية

إن الشكل الإداري الذي تم تقديمه في الدولة السامية هو ارستقراطية المثقفين، وهم الذين يمثلون النخبة الممتازة وصفوة المجتمع في زمنهم، وعلى حسب منظور فكرة إبداع فهم يستحقون أن يديروا وطناً، ولا يحق لأي شخص آخر لا يتمتع بالصفة الممتازة والمؤهلات اللازمة أن يتبوأ منصباً في هذه الدولة، إن هذا النظام لا يقبل الأوتوقراطية التي تمثل الانفراد بالسلطة من جهة، ولا يقبل الديمقراطية التي تساوي بين صوت العالم وصوت الجاهل من جهة أخرى.

إن صالح ميرزا بك أوغلو يعبر عن اقتراحه هذا في كتابه- الموجود بين أيديكم – والموسوم بالدولة السامية. وكما هو واضح من عنوان الكتاب، فإنه اقترح نظاماً عالمياً جديداً ينتقد «النظام العالمي الجديد» الذي انتشر استخدامه في الخطابات السياسية الدولية في نفس العام الذي نشر فيه الكتاب أول مرة في عام 1995م. الطبعة الأولى.

 وإحدى هذه المفاهيم التي ناقشها الكتاب الديمقراطية الغربية، التي تتقدم حالياً من خلال الفكر المسيطر الحاكم والوحيد على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

الفصل الأول . (اللوحة الأولى): تناول فيه الكاتب وتحت عنوان: «أشكال الدولة»، أشكال الدولة، وأنواعها، ومميزاتها على حسب سمات الأهالي والسيادة في كل نوع منها، ومصدر السلطة فيها. والكاتب يناقش الفرق بين حكم الشعب وحكم الأمة، وبالإضافة لذلك فهو يدقق في مواصفات رئيس الدولة هنا.

 الفصل الثاني (اللوحة الثانية): تناول فيه الكاتب وتحت عنوان: «النظام العام العالمي»، مسألة الحقوق الشعبية، وحقوق العامة، وناقش المجتمع الأوروبي الذي يطلق عليه الاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر، ويتناول من خلاله الديمقراطية الغربية، وتوجيه النقد إليها من خلال محور الإسلام.

الفصل الثالث، (اللوحة الثالثة): تناول فيه الكاتب وتحت عنوان: «العالم الغربي والديمقراطية»، يعرض صالح ميرزا بك أوغلو رأيه في هذه المسألة المهمة من خلال حديثه عن الغرب وآرئه المتعلقة بالغرب نفسه والشرق، ويعرض فضائل الغرب وأزماته في هذا الفصل، وفيه أيضاً يتناول ويناقش الديمقراطية الغربية بشكل معمق جدا وبأدق التفاصيل.

الفصل الرابع، (اللوحة الرابعة): من هذا الكتاب يتناول صالح ميرزا بك أوغلو الدولة السامية التي اقترحها في هذا الفصل من الكتاب، ومن خلال ذلك يقوم بوضع مقارنة بين الشرق والغرب، ومن خلالها يتحدث عن الأوصاف الأساسية التي قدمتها الدولة السامية والمصادر الفكرية التي استندت إليها ، والعلاقات التي تكون فيما بين المنظمات الدنيا التي تحدثنا عنها أعلاه .

 

خصائص مهمة:

إن الدولة السامية نظام اقترحه صالح ميرزا بك أوغلو للعالم، ولا يقتصر فيه الكاتب على طرح القدرة الفكرية – التي تعالج النقص الفكري في العالم الإسلامي في هذا اليوم – فقط، بل يقدم إضافة إلى ذلك اقتراحه للدولة السامية، والذي يزود العالم الغربي بالحلول الصحيحة لأزمة الديمقراطية الليبرالية الغربية في الغرب في وضعها الحالي.

 وتعالج فكرة إبداع النقص الحاصل في المفهومين السابقين من خلال البنية الثقافية والفكرية لإبداع. أفلا يولد النقص في مثل هذه المفاهيم (الأخلاق، الاقتصاد، الفكر، …) وانفصالها عن بعضها أزمة عالمية حقيقية؟

يقدم صالح ميرزا بك أوغلو حلاً جوهرياً لهذه الأزمات، من خلال المزج بين الفكر والنشاط، ليس بين الإسلام والغرب فقط، بل إنه يقصر المسافة الموجودة بين المفاهيم أيضا.

السامية: في اللغة التركية تدل على معنى الرئيس الجليل (صاحب السمو) والذي يدل معناه على العظمة، وبموجب فكرة إبداع – الشرق الكبير: فهو مفهوم يشير إلى النظام الإداري حيث أن قراءته تصور الأوصاف الممتازة في المعنى الأخلاقي والعقلي أيضا.

«الشرق الكبير – إبداع» :(BÜYÜK DOGU – İBDA): باللغة العربية تدل على معنى الشرق الكبير، أما إبداع: فيدل على معنى خلق شيء لا مثيل له: وهذان المفهومان يعبران عن فهم جديد كامل في الإسلام، وبناءا على ذلك فإن المسلمين مضطرون على تغيير وتجديد وجهة نظرهم المتعلقة بالإسلام.

ويجب أن يضع المسلمون في الوسط فكرة تصدر عن الإسلام، ولكن هي متعلقة بالإنسان، حيث إن الإنسان يمكن أن يؤسس نظاماً فكرياً إنسانياً فقط لا أن يؤسس ديناً، ولكن هذا النظام يجب أن ينوه إلى الدين من كل زاوية، والدين يبين الجهة الأصلية والاتجاه الصحيح لهذا الفكر، ويعطي القوانين الأساسية التي لا تتغير.

و الفصل الخامس. (اللوحة الخامسة): توجد في آخر الكتاب مجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) المتعلقة بالإدارة والعدالة والدولة .

 

إلى القارئ الكريم

الأسلوب المعتمد في ترجمة الكتاب الموسوم ب«الدولة السامية» من اللغة التركية إلى اللغة العربية:

1- تمت الترجمة وفق أسلوب المؤلف السيد صالح ميرزا بك أوغلو.

2- تم اختيار العبارات الفكرية والمصطلحات الفلسفية الأفضل عند ترجمتها إلى اللغة العربية الغنية بالمعان والمفردات المقاربة لهذه المصطلحات، وذلك لتسهيل إيصال الفكرة للقارئ الكريم.

 3- قد تجد صعوبة في بعض المصطلحات الفكرية والفلسفية التركية المترجمة إلى اللغة العربية، لذا تم ترجمتها قدر المستطاع وفقا لأسلوب المؤلف ترجمة حرفية، وبالرغم من ذلك لا يمكن أن تكون خالية الخطأ،  و من هذا المنطلق فإن الخطأ وإن وجد فهو عائد علينا، فنتقبل وبصدر رحب النقد البناء من السادة القراء الأعزاء.

4- إن الكتاب يخاطب المجتمع التركي بالدرجة الأساس، و من  الممكن أن يوجه المؤلف خطابه في كتابه «الدولة السامية» إلى المسلمين كافة، وذلك بحكم أن المجتمع التركي هو مجتمع مسلم بالدرجة الأساس.

5- إن ما لاحظته في كتابة الترجمة للمؤلف السيد صالح ميرزا بك أوغلو – ومن خلال توجهه إلى المجتمع التركي، وطرح المشاكل والأزمات، وإيجاد الحلول والمعالجات لها – أنه يعالج الأزمات والمشاكل التي تعصف بالمجتمع الدولي، ويطرح الحلول لمعالجتها والبديل الناجح للنهج الخطأ الذي يتبعونه للتوصل إلى مجتمع خالي من العيوب يتمتع بالفضيلة ونبذ العنصرية والأفكار الهدامة التي مرت بها المجتمعات على اختلاف أنواعها مسمياتها.

6- يبحث الكاتب في كتابه شكل الدولة، ومسؤولياتها تجاه رعاياها من خلال أساليب الدولة، وأنظمتها التي تتبعها الحكومات في إدارة شؤون الدولة عن طريق أجهزتها الإدارية والتنفيذية والقضائية التي تهدف جميعها إلى رفاهية المجتمع كله، وذلك من خلال طرحه للنظام الإسلامي كنظام عالمي جديد، بديلا للدكتاتوريات الأوربية المتجسدة في شكل الإتحاد الأوروبي والعولمة الأمريكية، لما يتمتع به الإسلام من مقومات روحية ومادية في إدارة دولته الشاملة والحفاظ على حقوق الأفراد، كما الحفاظ على حقوق الجماعات والأقليات أيضاً، وينظر للجميع بالعين نفسها دون تفرقة أو تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين أو اللغة، فالكل هم مواطنون متساوون في الحقوق و الواجبات .

7- الكاتب ينتقد الأنظمة الإمبريالية ووسائل الإعلام والأبواق والأحزاب المروجين لها والمطبلين لها فرحا ومهللين ومبشرين باستقبالها كالببغاء، دون إدراك أو فهم لمخاطر هذه الأنظمة، وما جلبته من ويلات على المجتمعات الأخرى، ويحذر من مخاطر اتباعها، ويدعو لأخذ الحيطة والحذر من الإعلام المروج لها، فليس كل ما يبدو للوهلة الأولى جميلاً هو ديمقراطي وحر، ولكنه الاستعمار الكامن بين طيات هذه الأفكار والبرامج الإمبريالية.

 

ترجمة: محمد بن حسين بن شبلي العبادي

الترتيب: نور زيندبون

 

Discover more